الفن والموهبة
امير الحلو
هل النجاح في الفن وخصوصا الغنائي يعتمد على الموهبة فقط، ام ان للحظ والمصادفة دورهما احيانا في تسليط الاضواء على فنان معين فيجد الابواب مفتوحة امامه وينال الشهرة التي يتمناها ؟
هناك بعض جوانب النجاح لا يمكن تفسيرها بالموهبة فقط ولا يمكن وضع الشكوك الشخصية كعامل من عوامل النجاح ايضا،ولكننا نجد ان مطربة او مطربا ينتشر بسرعة من دون ان يمتلك الموهبة الغنائية الحقيقية او الشكل الجميل الذي يغطي احيانا على السيئات وخصوصا في التلفزيون.. واذا تجاوزنا في موضوعنا الفنانين الكبار والحقيقيين ممن يمتلكون المواهب الرائعة ،فان حديثنا ينصب على المطربين الشباب،فانا شخصيا لا يمكنني تفسير نجاح المطربة المصرية(حنان) وتقبل الجمهور لها بالرغم من انها لا تملك الصوت المميز ولا الشكل الجميل الملفت للنظر ولا حتى الاغاني الخاصة بها،ومع ذلك فانها بخفة الدم والقدرة على التقليد وبعض الحركات الراقصة استهوت الجمهور بدليل ان التلفزيون يضعها
في اوقات (الانس)،في حين رأيت وسمعت مطربة لبنانية اسمها(جوليا) غنت اغنية عن الجنوب ووين الملايين تمتلك صوتا قويا ومعبرا وشكلا جميلا يوازي صوتها فخرجت على الناس وهي (كاملة مكملة)ولكنها لم تشتهر كحنان اوانغام او لطيفة ولا يعرض التلفزيون اغانيها الا في فترات متباعدة،كما شاهدت قبل شهر في التلفزيون مطربة تونسية حتى انني لا اتذكر اسمها وكانت رائعة بادائها وساحرة بشكلها ولكنها لم تأخذ فرصتها في الشهرة(في الاقل عندنا او في المشرق عموما) .
وبالرغم ان لدينا العديد من المطربين العراقيين الجيدين إلا انني لم اجد امتدادا حقيقيا ومؤثرا لهم في بعض الاقطار العربية وخصوصا المغربية عدا المطرب الراحل ناظم الغزالي،فقد شاهدت في المغرب وتونس ان للمرحوم الغزالي شهرة واسعة وان اشرطة اغانيه تباع على نطاق واسع وان الجمهور يردد تلك الاغاني رغم صعوبة بعض كلماتها العامية(كخدج الكيمر انا تريك منه)،حتى انني حضرت حفلة في الدار البيضاء اقتصر فيها المطرب على ترديد اغاني الغزالي لاكثر من ساعة ونصف الساعة وسط تجاوب الجمهور واعجابهم ومشاركتهم اياه في الغناء،وهنا لا اعزو الامرالى الحظ فالمطرب الغزالي يستحق كل هذه الشهرة والاعجاب ولكني اتساءل عن السر في عدم انتشار اغاني المطربين العراقيين الاخرين بالرغم ان بعضهم يمتلك الموهبة الحقيقية في صوته وعذوبة الالحان والموسيقى .
ما قادني الى هذا الحديث ملاحظة ابداها احد الاخوة العراقيين التقيته في مدينة مسقط...فقد تسنى لي ان اتعرف على كل العراقيين الموجودين في سلطنة عمان وهما اثنان فقط احدهما ناجح في اعماله التجارية في مجال الكهربائيات والالكترونيات،والاخر ناجح في عمله التجاري الذي يأخذ الفن جانبا منه،اذ انه يمتلك محال كبيرة للتسجيلات الصوتية والصورية،وعندما زرته استفسرت منه عن مدى معرفة الاشقاء في عمان للمطربين العراقيين الجدد ومدى شهرتهم فقال لي ان اكثر المطربين العراقيين معروفون هنا وان اغانيهم مشهورة ومطلوبة ولكنهم(مظلومون)وخصوصا كاظم الساهر ! فسألته ولماذا هذا(الظلم)؟قال لان حقوقهم ضائعة،فالمعروف ان للمطرب والمؤلف والملحن حقا ماليا عند تسجيل اغانيهم وبيعها بشكل واسع او عند اذاعتها او بثها،ولكن المطربين العراقيين لا يحصلون على هذا الحق لعدم وجود جهة مسؤولة عن ذلك او عدم المتابعة،فالمطرب كاظم الساهر الذي (وفقه الله) اخيرا واصبح مطربا مشهورا ومطلوبا من قبل الجمهور قد ضاعت حقوقه المالية في عديد من دول الخليج العربي .
http://www.newsabah.com/look/article.tpl?IdLanguage=17&IdPublication=2&NrArticle=39269&NrIssue=1697&NrSection=8&x=22&y=12