طبعا ً الكتاب فيه شغلات حلوة كتير عن كاظم قليل يللي بيعرفها
مقــــدمـــــة
لماذا كاظم .. لماذا هذا الكتاب ..
سمعت اسم ( كاظم الساهر ) لأول مرة عام عن طريق الصديق ( ناصر عراق ) الفنان التشكيلي المعروف .. لكن ثمة ( هوس ) لافت للنظر دفعني – أو للدقة – أجبرني على رصد الظاهرة .
الصراحة تقتضي القول إنني لم أنشغل بها وإن كنت أتابعها كأي ظاهرة ينشغل بها الناس وتشغلهم ليس إللا ..
وظل الأمر كذلك بين إعجاب بأغنية جديدة .. واندهاش من افتتان الناس بد على اختلاف فئاتهم وأعمارهم وطبقاتهم .. حتى كان الحفل الذي أقيم في نهاية صيف 2000 بمارينا ، وهذا الفن الراقي الذي قدم مع هذا الهوس الذي كان على كل المستويات .. سواء في شد الرحال إلى مارينا من الآلاف الذين تركوا مصالحهم وأعمالهم وبيوتهم وذهبوا لمشاهدة كاظم في ( مذاع في التلفاز ) .. أو فيمن حضر من خارج مصر ومن مطار القاهرة إلى ( مارينا ) رأسا ً .
وأخيرا ً في هؤلاء الذين أصيبوا بهيستيريا حادة عندما ظهر كاظم على المسرح وحال الأمن دون هجومهم الإيجابي عليه إما لمصافحته أو تقبيله .. أو في تلك الحوادث التي جرت بعد الحفل وسجلتها محاضر وأقسام الشرطة .. وبعض المستشفيات !! .
المهم .. كان نجاحا ً مبهرا ً وبالتالي كان لافتا ً للنظر بشكل يصعب إغفاله أو غض البصر عنه .
لذلك كان طبيعيا ً أن يكون الحفل حديث الناس لعدة أيام متتالية .. وأن يطال الحديث كل جوانبه من أداء مبهر وراق وتجاوب غير مسبوق من الجمهور مع أي فنان آخر .. اللهم إلا أم كلثوم وعبد الحليم حافظ و أميتاب باتشان ! .
لكن وقبل أن يهنأ كاظم وجمهوره بكل هذا النجاح فوجئ الجميع بحملة متهافتة لا تستند إلى منطق أو عقل أو حتى أي سند آخر تستهدف الحفل وصاحبه وبعض مسؤولي التلفاز .. السبب هو استعانة كاظم بعازفين عراقيين في الحفل !!
بعض الأقلام قالت إن كاظم فرض شروطه على التلفاز بطلبه أن يحيي الحفل بمفرده .. وكان النجاح الساحق والإيراد الكبير كفيلين بالرد على هذه الأقلام .. لكن أقلاما ً أخرى وصفت هؤلاء العازفين بالأجانب !!
لنسمع لأول مرة أن عازفين عربا ً ينتمون إلى دولة عربية يصفهم البعض بـ الأجانب !! لكن كانت أنباء صمود الشعب العراقي كفيلة وحدها بالرد على هذه المزاعم التي يرفضها حتى القانون المصري الذي لا يعتبر العرب أجانب ولهم – تقريبا – مثل ما للمصريين . كما كان استعانة مطربين عديدين بل وحتى وزارة الثقافة في حفل الألفية بعازفين أجانب ردا ً آخر على هؤلاء الذين لم نسمع لأقلامهم حسا ً في الحالات الشبيهة والسابقة على حالة كاظم .
هذا الهجوم الذي وصفه الكثيرون بالمشبوه .. أدى إلى عكس الغرض منه تماما ً . حيث تعاطف كثيرون مع كاظم الساهر وتضامنت معه فئات لم تكن في خندقه من قبل خاصة أن ملاحظات عديدة طالت الذين هاجموه .. حتى قيل إن صحفيا ً كبيرا ً رفض كاظم الغناء في فرح ابنه فقاد حملة الهجوم عليه .. وقبل إن دولة ما تقف وراء هذا الهجوم في محاولة لإفساد أو وقف كل هذا النجاح الذي حققه ويحققه هذا الفنان العربي الكبير ..
لقد استفزنا هذا الهجوم الذي تعرض له الساهر فقررنا النزول إلى الميدان وكتبنا في جريدة ( الأسبوع ) موضوعا ً بعنوان ( دولة تقود هجوما ً مشبوها ً بعد حفله الأسطوري .. يا عشاق كاظم الساهر انتبهوا ! ) . وخرج الموضوع إلى مانشيتات الجريدة الرئيسية رغم ما عرف عن ( الأسبوع ) من رصانة واهتمام كبير بالأمور السياسية بشكل يكاد يكون مطلقا ً.
كان نص ما كتبناه في جريدة ( الأسبوع ) المصرية ما يلي :
" ما هذا الذي جرى في حفل كاظم الساهر الأسبوع الماضي ؟ وما سر هذه الشعبية الرهيبة التي يتمتع بها ووضعته على عرش الأغنية العربية ؟ وما هو سر الهجوم الذي تعرض له بعد الحفل في عدد من الصحف ؟ هل حقا ً لأنه استعان ببعض العازفين العراقيين أم أن في الأمور أمورا ً ؟ "
لن نعيد بالطبع مسيرة كاظم وانتشاره بين محلية العراق واقليمية الخليج وانطلاقة القاهرة .. وهي الانطلاقة التي وضعته الآن على القمة .. حتى أنه تحول إلى ظاهرة ساهم هم بنفسه في صنعها .. كيف ذلك ؟ واقع الحال يقول إن كاظم ليس أجمل الأصوات الموجودة ولا أكثرها حلاوة وعذوبة .. فمن هذه الزاوية يتفوق عليه في الخليج عبد المجيد عبد الله صاحب ( رهيب ) و ( يا طيب القلب ) أو ( عبادي الجوهر ) .. وآخرون وفي القاهرة يفوق صوته حلاوة وعذوبة هاني شاكر وعلي الحجار .. وحلاوة الصوت هبة من الله لا دخل لأحد فيها ولا تتأتى لا بالتدريب ولا بشرب الزنجبيل .. لكن ( مجموع ) كاظم هو الذي صنع هذه الأسطورة الموجودة حاليا ً واسمها كاظم الساهر .. نعم ( مجموع ) كاظم الذي يتميز بالذكاء الشديد .. فهو استطاع أولا ً أن يربط اسمه بأشهر كاتب عربي وهو ( نزار قباني ) الذي يضيف ثقلا ً على أي ثقل موجود .. وفي ( مجموع ) كاظم تجد إصراره على التلحين – وأحيانا ً الكتابة لنفسه – مما أضاف له ثقلا ً آخر رفعه وزاد من وزنه .. وفي ( مجموع ) كاظم أنه المطرب الوحيد من دولة الحصار .. أي الممثل الوحيد لشعب العراق خارج حدود العراق .. اختفى المطرب العظيم ( سعدون جابر ) .. ولم تصل شهرة ( ناظم الغزالي ) إلى الأجيال الجديدة .. كل الدول العربية لها أكثر من ممثل إلا العراق فلا يعرف منهم الكثيرون إلا كاظم .. وفي ( مجموع ) كاظم إصراره على غناء القصائد في زمن ضياع القصيدة ومطربيها .. لذا ساهم في التصدي لظاهرة الأغنية الشبابية واستقطع من مستمعيها جمهورا ً كبيرا ً ضمهم بشكل شبه نهائي إلى جمهوره .. وفي ( مجموع ) كاظم – وهذا هو الأهم على الإطلاق – حضوره الطاغي والقبول الذي اعطاه إياه الله عز وجل .. فهو صاحب الوجه البريء الذي يحمل ملامح الرجولة والطفولة معا ً .. والأهم أن كاظم يدرك ذلك جيدا ً وانعكس ذلك على أحاديثه الصحفية والتلفزيونية وجرأته الذكية في الاعتراف بطفولته البائسة التعيسة ومعاناته مع أسرته الفقيرة التي يعلن هو دائما ً ارتباطه بها بما يكسبه في كل الأحوال جمهورا ً متزايدا ً .. كاظم يخرج من الشائعات كما تخرج الشعرة من العجين .. حياته الخاصة بعيدا ً عن الأضواء .. فلم نر زوجته ولا أطفاله ولم تشاركه زوجته تصوير إحدى أغانيه .. حتى شعره القصير الذي ظل به العامين الماضيين كمل لو كان يريد أن يقول إنه كما الجنود في الجيوش وهو جندي في صفوف الشعب العراقي البطل ولكن بوسائل أخرى .. لذا فهو بالفعل أهم سفير للعراق خارج العراق .. ونجح فيما لم ينجح فيه غيره .. ولعله لم يفاجأ عندما طلب منه الجمهور في حفله الأخير أغنية ( بغداد ) وهتفوا لها أكثر من مرة .. وهو جمهور – مع احترامنا الكامل له – يوضع في دوائر البعيدين عن القضايا العامة .. فزوار ( مارينا ) وسكانها من الطبقة العليا من علية القوم الذي يفترض أنهم لا يعبأون كثيرا ً بهموم الوطن وقضاياه !
لكن كاظم ( الذكي ) لا يغني بغداد بعد أن طلبوها .. أراد أن يقول إنها في الـ ( program ) دون أن يطلبها أحد وأنها في ذاكرته باستمرار .. لذا غناها عندما أراد وإن كنا نرى أن غناءها في ختام كل حفل هو الأفضل لتتحول بذلك إلى مناسبة يختتم بها كاظم كل حفلاته – على الأقل – حتى ينتهي حصار العراق ولتبقى بغداد حاضرة في كل حفلات كاظم الذي كرمه الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في إحدى زياراته لتونس بطريقته الخاصة في تقديره للفن ولبعض الفنانين .. حيث منحه وسام الفنون ، وهو ما يؤكد أن ظاهرة كاظم هي ظاهرة عابرة للحدود .
لكن .. ما الذي دعا عددا من الصحف إلى الهجوم الشديد على كاظم بسبب استقدامه لعدد من العازفين العراقيين في إحدى حفلاته في مصر ؟؟
كانت حجة أصحاب الهجوم على كاظم أن العازفين لم يحصلوا على تراخيص من نقابة الموسيقيين وهو السبب المعلن لكن نفس الأقلام لم تهاجم محمد منير الذي استقدم عازفين من ألمانيا ، ولا ديانا حداد التي استقدمت عازفين لبنانيين وكذلك فعلت نوال الزغبي ومن قبلهم جميعا ً تفعل المطربة الكبيرة فيروز نفس الشيء .
لكن المعلومات تشير الي أن إحدى الدول تستفيد من الهجوم عليه لتفسد العرس الذي أقامه وأحياه وتلألأ في سمائه نجم العرب وفتى العراق وممثلها لدى الغير كاظم الساهر .. ولكن فيما يبدو أنها طلقات حبر فاسدة لم تصب أحدا ً !!
هذا ما كتبناه في 18 سبتمبر 200 ، وما هي إلا ساعات من طرح العدد في الأسواق .. إلا ووجدت سيلا ً من الاتصالات الهاتفية لم ينته ما بين شكر وتأييد على ما نشرناه .. والمطالبة بنشر المزيد والمزيد إلى عتاب بعد الشكر لأننا قلنا الموضوع إن هناك أصواتا ً أكثر عذوبة من كاظم إلى هتافات وتصفيق وشماتة في الذين يهاجمون كاظم بل بلغت الأمور حد أن أشخاصا ً من الذين كلموني أبلغوني أنهم عايروا هذه الصحف التي تهاجمه وطلبوا منهم أن يقرأوا ( الأسبوع ) ليتعلموا .. ما حدث من ردود الأفعال أصابني بالذهول ! مما جعلني أتساءل : ما الذي جرى ؟ .. ومتى ؟ وكيف ؟؟؟؟
هل يأكل الناس في مصر الآن كاظم ؟ هل انتهت مشاكلهم ولم يعد إلا أزمة كاظم مع بعض الصحف ؟ لماذا يعشقونه إلى هذا الحد ؟ وهل كنت نائما ً في العسل إلى هذه الدرجة ؟
صحيح أننا استضفنا في الجريدة في لقاء مفتوح مع المطرب المحبوب ( عمرو دياب ) .. وفي اللقاء سأل عمرو نفسه : ( من المطرب اللي في القمة دلوقتي ؟ ثم أجاب بسرعة : كاظم مش كده !! ) صحيح أنني سمعت ذلك منه شخصيا ً وهو المنافس الشرس على قمة الغناء العربي الآن – إن لم يكن على مستوى الجودة فعلى الأقل مستوى التوزيع – ورغم ذلك لم أستوعب معنى كلامه .
لماذا إذن كل هذا الإجماع من الجمهور العربي الذي يأتي من بلدان عربية بالطائرات خصيصا ً لحضور حفلات كاظم وهو ما يحدث لأول مرة مع فنان ما بعد أم كلثوم .. باستثناء مسرحيات عادل إمام ؟ وسوف يشك الكثيرون في صدقنا إذا قلنا إن في مصر الآن أركانا ً مختلفة في عديد من البيوت تسمى ( ركن كاظم ) تحوي وتضم كل ما يتعلق به من صور أو ألبومات أو شرائط فيديو أو مجلات وصحف أو حتى متعلقات شخصية تم الحصول عليها من عن طريق الإهداء !!
وهناك – في بيوت أخرى – ما يلقي السلام على صورة كاظم في الذهاب والإياب خاصة عند الصباح ويكلمه وكأنه يسمعه مطمئنا ً كل حين على صحته وعلى أحواله دون رد طبعا ً !!
ولن يصدقنا أحد إذا قلنا إننا نعرف عددا من مشاريع الزواج كانت مؤجلة وتمت بعد أغنية لكاظم اسمها ( التحديات ) !!
بل إن طفلة صغيرة كانت تقبل الرضاعة إذا رأت صورة كاظم وتسمع الكلام إذا هددوها بحرق صورته رغم أنها لم تتجاوز العامين أو العامين والنصف !!
ما السر إذن ؟ عذوبة الصوت وحلاوته وقوته ؟ لا أعتقد أن ذلك هو السبب وحده .. فآخرون وهبهم الله أصواتا ً غاية في الجمال والعذوبة .. هل هي الألحان الجميلة الجديدة ذات الخصائص المختلفة ؟ لا أعتقد أيضا ً أن ذلك هو السبب وحده .. إذن هل هي الكلمات الجيدة المختارة بدقة لعدد من كبار الشعراء مثل الدكتور مانع سعيد العتيبة أو سمو الشيخ محمد بن راشد أو للشاعر الكبير نزار قباني أو للرائع عبد الوهاب محمد أو لمجموعة كاظم من عزيز الرسام وكريم العراقي و منذر كريم وغيرهم ؟ لا أعتقد أيضا ًَ ان هذا وحده هو السبب .. لكن هل لأن كاظم هو المطرب الوحيد من دولة محاصرة يقف مع شعبها كل الشعوب العربية بلا استثناء مما أكسبه تعاطفا ً كبيرا ً ؟ هذا سبب لا يكفي لكل هذا الحب وإن كان كذلك ما استمر لهذه الفترة .. إذن هل يكون هذا القبول الرباني الذي وهبه له الله بشكل لم يتيسر لغيره – رغم احترامنا له – لا يكفي لصنع فنان كبير يظل على القمة عدة سنوات متصلة بهذه الشعبية الجارفة .. هل يكون السبب إذن في حزنه الدائم الذي يخيم على تعابير وجهه وصوته وأحاسيسه وأدائه بل وحتى لقاءاته وأحاديثه التلفزيونية والإذاعية والصحفية ؟ هذا إحسان من الجمهور ينتهي بعد أداء واجبهم معه !!
هل حب الأطفال له نابع من حبه هو للأطفال لدرجة الجنون بدءا ًمن ابنيه ( وسام ) و ( عمر ) ولم ينته لحظة أمام أي طفل يقابله .. حتى أنك تراه فجأة وقد تحول إلى طفل يلعب كما يلعبون ويضحك معهم بل ويبكي إذا لزم الأمر ؟ هناك آخرون عندهم نفس التعاطف مع الأطفال بل وهناك أخريات كان من الأولى أن ينجذب الصغار لهم أو لهن ..
هل هي الأعمال الخيرية وغناؤه الدائم بدون أجر للمعوقين وغيرهم ؟ آخرون أيضا ً يشاركون في مثل هذه الأعمال .. إذن هل هو رفضه حتى الآن الحصول على أي أجر من أي حفلة داخل مصر كما لو كان يريد أن يعبر عن حبه لمصر وللمصريين ؟ قلت : إن هذا كاف لأن يحبه الشعب المصري لكن ليس مبررا ً أن تحبه كل الشعوب العربية !!
إذن ماذا ؟ لقد تعبت في البحث عن تفسير ولم أجد إلا الاعتراف أنه لكل الأسباب السابقة مجتمعة كان يجب أن يحب الناس كاظم الساهر .. ومن هنا جاءت فكرة هذا الكتاب الذي استغرقنا بسببه ولمدة عام كامل في كل ما كتب عن كاظم .
هذا الكتاب الذي نأمل أن يكون مختلفا ً عما كتب عن كاظم الذي عنه في الأسواق .. لذا فإن لدينا الأمل – كل الأمل – أن يلقى هذا الكتاب بعض الاستحسان .. واعتذارنا المسبق لكل من يرى خلاف ذلك بعد قراءته .. ولكم ولكاظم الساهر ولكل فنان يحترم فنه وجمهوره وأسرته كل التقدير ...
أحمد رفعت
بالنهاية احب اوجة الشكرالى ا ابو وسام على هذة الحلقات المميزة
عدل سابقا من قبل التحدى الكاظمى في الأربعاء يناير 27, 2010 10:59 pm عدل 2 مرات